محاضرة بعنوان "الأشغال الإضافية والأشغال التكميلية و ما تثيره من إشكالات قانونية و عملية"
محاضرة في مجال الصفقات العمومية بعنوان "الأشغال الإضافية والأشغال التكميلية و ما تثيره من إشكالات قانونية و عملية"
في إطار المحاضرات الدورية المنظمة بمقر مجلس الدولة، ألقيت يوم الأربعاء بتاريخ 05/01/2022 بقاعة الإجتماعات محاضرة بعنوان "الأشغال الإضافية و الأشغال التكميلية و ما تثيره من إشكالات قانونية و عملية" من إلقاء السيد (ع. ن) مستشار الدولة بالغرفة الأولى القسم الأول.
في البداية إستهل المحاضرة بالتطرق للمفاهيم العامة للصفقات العمومية طبقا للمرسوم الرئاسي 15/247 المؤرخ في 16/09/2015 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام و ما يقابله من مواد شبيهة بمختلف المراسيم المتتالية المنظمة للصفقات العمومية. و قد جاء في المادة 2 من المرسوم الرئاسي 15/247 تعريف دقيق للصفقات العمومية، على أنها عقود مكتوبة تبرم بمقابل مالي مع متعاملين إقتصاديين لتلبية حاجات المصلحة المتعاقدة في مجال الأشغال، اللوازم، الخدمات و الدراسات.
أولاً: أهم ما يميز هذه العقود عن سائر العقود الأخرى أنها تتضمن طرفاً ذا سلطة عامة و هو إما الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسات العمومية الإدارية أي شخصا من أشخاص القانون العام كما حددتهم المادة 828 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية، أو مؤسسة عمومية خاضعة للتشريع التجاري عندما تكلف بإنجاز عملية ممولة كلياً أو جزئياً بمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة أو الجماعات المحلية.
ثانياً: تتضمن شروط غير مألوفة (غير معهودة بالعقود المدنية)، و هي مستمدة من إمتيازات السلطة العامة و يأتي على رأسها: سلطة الفسخ الإنفرادي ووضع بنود العقد (الصفقة) و ذلك طبعا مرده هو تمكين الهيئات العامة من تحقيق الإحتياجات العامة ثم لأنها ممولة من الميزانية العامة.
و تنقسم الصفقة العمومية حسب المرسوم الرئاسي السالف الذكر إلى: صفقات أشغال، صفقات لوازم، صفقات خدمات و خدمات دراسات.
و موضوعنا يتعلق خصوصاً بصفقات الأشغال و التي تشترط طبقاً للمعيار المالي أن تفوق 12.000.000.00 دج.
و طبعاً عقد الصفقة الأصلي ينصب حول الأشغال الأصلية للمشروع أي مجموعة الإنجازات التي ترى المصلحة المتعاقدة بعد دراسة الجدوى و الدراسات التقنية المختلفة أنها ضرورية و كافية لإنجاز المشروع.
لكن قد نتعرض أثناء تنفيذ الصفقة لإنجازات طارئة لم تكن بالحسبان عند إبرام الصفقة أو تطلبها ظروف المشروع (مثلا أشغال حفر، ردم، نقل أتربة ... الخ) و هذه الأشغال كما تكون في إطار الصفقة قد تكون خارج إطار الصفقة.
و للتفرقة بين الأشغال الإضافية (les travaux supplémentaires) و الأشغال التكميلية (les travaux complémentaires) نقول أن الأشغال الإضافية تعني الزيادة في الكميات الأولية لبنود الكشف الكمي و التقديري و التي تتضح بعد الإنجاز الفعلي للمشروع.
أما الأشغال التكميلية فتعني ظهور بنود جديدة لم تكن مدرجة سابقاً بالكشف الكمي و التقديري، إلا أنها ضرورية التنفيذ.
ثم في نقطة ثانية، تم التعرض لأهم الإشكالات التي تفرزها الأشغال الإضافية و الأشغال التكميلية، و كما نعلم أن الصفقات العمومية هي عقود مكتوبة و أن تعديل في بنود العقد يستوجب إبرام ملحق (Avenant) و الملحق طبقاً للمادة 135 من المرسوم الرئاسي السالف الذكر، وثيقة تعاقدية تابعة للصفقة و يبرم في جميع الأحوال إذا كان الهدف منه زيادة الخدمات أو تقليلها أو تعديل بند أو عدة بنود تعاقدية في الصفقة، و أن مدة الملحق لا يمكن أن تتجاوز 3 أشهر و الكميات بالزيادة 10.%
و نلاحظ عمليا، أن المتعامل المتعاقد قد يستمر في إنجاز أشغال الصفقة (أي الأشغال الإضافية) مكتفيا بأوامر شفوية من الإدارة، إلا أنه عندما يتقدم بوضعية أو وضعيات الأشغال الإضافية أو التكميلية يفاجأ بموقف الإدارة الرافض لدفع مستحقاته و هنا يثار النزاع أمام القضاء .
و قد إستقر العمل بمجلس الدولة على إجابة المقاول (المتعامل المعاقد) لطلباته في حدود ما إذا كانت الأشغال موضوع النزاع ضرورية للمشروع ( و هناك عدة قرارات منشورة بمجلة مجلس الدولة بهذا الخصوص).
و لكن لا يتم الحكم بطلبات المتعامل المتعاقد مباشرة و لكن يحكم دائما بندب خبير لمعاينة الأشغال، أولاً من حيث الوجود ثم تحديدها ووصفها و مدى مطابقتها للمواصفات التقنية المعمول بها، و أخيراً التقويم النقدي لهذه الأشغال.
و هنا في هذه المرحلة، قد يثار مشكل آخر و هو السعر المرجعي الذي يعتمده الخبير، ذلك أن في الأشغال الإضافية التي يصدر بشأنها ملحق للصفقة يتم التفاوض على الأسعار بموجب ملحق، لكننا هنا بصدد وجود ملحق و بالتالي لا يكون أمام الخبير إلا إعتماد سعر السوق مرجعاً و ليست المسألة سهلة، لأن سوق الأشغال يعرف إضطرابات في الأسعار من حين لآخر.