أيام الإستقبال

من الأحد إلى الخميس : سا 08.30- 12.00 ::  سا 13.30- 16.00

التاريخ: 
25 ماي 2022

       محاضرة بعنوان أملاك المعمرين العقارية على ضوء المادة 42 و 42 مكرر من قانون المالية لسنة 2010 و قانون المالية التكميلي لنفس السنة

في إطار المحاضرات الدورية التي ينظمها مجلس الدولة تم يوم الأربعاء الموافق لـ 25/05/2022 إلقاء محاضرة من طرف السيد: صويلح بوجمعة مستشار الدولة بالغرفة الرابعة – القسم الثالث، تحت عنوان "أملاك المعمرين العقارية على ضوء المادة 42 من قانون المالية 09-09" الصادر بتاريخ 30/12/2009، المتضمن قانون المالية لسنة 2010 والمادة 42 من الأمر 10-01 الصادر في 26/08/2010 المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2010.  

لمعالجة الأملاك الشاغرة أو ما يسمى بأملاك الأقدام السوداء، أصدر المشرع عدة نصوص و على الخصوص فيها:

- الأمر رقم 62-20 المؤرخ في 24/08/1962 يتعلق بحماية و تسيير الأملاك الشاغرة.

- المرسوم رقم 62-03 المؤرخ في 23/10/1962 المتضمن تنظيم المعاملات.

- المرسوم رقم 63-88 المؤرخ في 18/03/1963 يتضمن تنظيم الأملاك الشاغرة.

- المرسوم رقم 63-388 المؤرخ في 02/10/1963 يتضمن تأميم الملكيات الزراعية للأجانب.

- الأمر رقم 66-102 المؤرخ في 06/05/1966 يتضمن الأملاك الشاغرة.

- المرسوم رقم 80-278 المؤرخ في 29/11/1980 المتضمن إلغاء المرسوم رقم      63-88 المؤرخ في 18/03/1963 المتضمن تنظيم الأملاك الشاغرة.

وكانت الدولة تعتقد إمتلاكها للأملاك الخاصة ببعض المعمرين بناءً على تلك النصوص، وكانت تعتمدها لتبرير مشروعية قراراتها وتدرجها ضمن تأثيراتها اعتقاداً منها أن ذلك كاف، غير أن البطاقات والوثائق الممسوكة لدى مصالح الحفظ العقاري ظلت على حالها ولم تعرف تحيين للبيانات التي فقدت حداثتها بسبب أيلولة ملكية أملاك المعمرين إلى الدولة بناءً على النصوص المذكورة أعلاه.

فظل القضاء تارةً يشترط معاينة حالة الشغور بقرار ولائي طبقاً لنص المادة السادسة من المرسوم رقم 63/88 كما هو الحال بالنسبة للقرار رقم 38213 الصادر في 20/10/1984. 

وتارةً يشترط تحيين الوثائق كما هو الحال بالقرار رقم 121876 الصادر في 31/03/1996.

وحتى بعد صدور المادتين 42 من قانون المالية 2010 و المادة 42 من قانون المالية التكميلي لنفس السنة ظل مجلس الدولة يشترط معاينة حالة الشغور بقرار ولائي كما هو الحال بالنسبة للقرار الصادر في 27/12/2018  ملف رقم 122395 الغرفة الرابعة القسم الثالث الذي اعتمد على اجتهاد مجلس الدولة 30/07/2012 بخصوص دعوى ابطال عقد بيع سكن مشهر في 20/04/1994.

و بغرض وضع حد لهذا التباين في أحكام القضاء و تقاعس الإدارة في تحيين الوثائق سن المشرع المادة 42 من قانون المالية لسنة 2010 والمادة 42 من قانون المالية التكميلي لنفس السنة المكملة لها، وجاء في عرض أسباب المادة 42 من قانون المالية 2010: " نتج عن بعض النصوص التشريعية و التنظيمية التي صدرت غداة الإستقلال توسعاً في الملكية العقارية للدولة، غير أن الوثائق الممسوكة على مستوى المحافظة العقارية لم تعرف تحييناً مناسباً مع أنه من المفترض أن تعكس هذه الوثائق الوضعية القانونية الحقيقية للعقارات المعنية".

و خلص في هذا العرض إلى: "وعليه فمن الضروري اتخاذ تدبير يقضي بتقادم تطهير كل الوثائق الممسوكة على مستوى المحافظة العقارية و المذكرات التي فقدت حداثتها للأسباب المذكورة أعلاه.

وهذا التدبير يتمثل في تطهير الوثائق التي فقدت حداثتها إثر أيلولة بعض الأملاك العقارية للدولة بناءً على أحد التدابير: التأميم، التحويل أو التخلي عن بعض الأملاك (المادة 42 من قانون المالية 2010)، وما جاء بالمادة 42 من قانون المالية التكميلي لسنة 2010 المكملة و الموضحة للمادة السابقة.

بعد مطالعة المادتين المذكورتين أعلاه، يمكن الإعتقاد أن المشرع وضع حد للإختلاف في تأويل النصوص بعدم اشتراط منه بعد صدور قانون المالية لسنة 2010 و قانون المالية التكميلي لنفس السنة) تحيين الوثائق واعتبار الأملاك المؤممة، المحولة أو المتخلي عنها ملكاً للدولة بقوة القانون رغم تحيين الوثائق عملياً ؟ في انتظار حصرها وتحيينها.      ومن حيث الصياغة لماذا لم يستعمل المشرع مصطلح الأملاك الشاغرة ؟ واستعمل المصطلحات التالية: التأميم، التحويل والتخلي.

للإجابة على تلك التساؤلات من المفيد معالجة المادتين من حيث الشكل أو الصياغة و من حيث الموضوع أو المضمون.

- من حيث الشكل أو الصياغة:

لم يستعمل المشرع مصطلح الشغور لأن لا وجود لهذا المصطلح منذ صدور مرسوم  80-278 الذي ألغي الأملاك الشاغرة (مرسوم 63-88) ابتداءً من صدوره في 29/11/1980.

و بخصوص باقي المصطلحات فإن المشرع أكيد يقصد بالأملاك المؤممة تلك التي شملها المرسوم رقم 63-388 الذي اعتبر المزارع ملك للدولة ما لم يتحصل أصحابها على الجنسية الجزائرية أو كانوا قدموا ملف كاملاً لاكتسابها.

وبخصوص مصطلح التحويل فإن الأمر 66-102 هو المقصود بحيث نص في مادته الأولى على أيلولة الأملاك الشاغرة إلى الدولة.

التخلي: يصبح العقار دون مالك فعلي بسبب مغادرة أرض الوطن سواءً قبل أو بعد نشر المرسوم رقم 80-278.

- من حيث الموضوع أو المضمون:

تضمنت المادة 42 من قانون المالية التكميلي لسنة 2010 عدة تدابير تتمثل في:

- إحصاء كل الممتلكات التي آلت للدولة عدا تلك التي تنازلت عنها ويتم إدراجها ضمن الأملاك الخاصة بعد تسجيلها باسم الدولة.

- إعتبار كل تصرف يتم مخالف للمادة المذكور أعلاه يتم من قبل الملاك الأصليين داخل أو خارج الوطن باطلاً ودون أثر اعتباراً من نشر قانون المالية التكميلي.

- تجريم المعاملات التي تتم خلافاً للمادة المذكورة -أعلاه- كل من تصرف بطريقة غير شرعية أو ساهم في ذلك أو عرقل تنفيذ تلك الأحكام بمنع استرداد الأملاك التي تنازلت عنها الدولة.

وبهذا الصدد يطرح التساؤل حول مدلول التنازل، هل يقصد المشرع التنازل بالمفهوم الضيق أي التنازل عن الملكية بمفهوم القانون رقم 81-01 و الأمر 06-11، أم يقصد بذلك تنازل عن الإنتفاع/الإمتياز أو في إطار قانون طبقاً للنصوص المذكورة أعلاه والقانون 87-19، 10-03 و الأمر 08-04. إذن بعد هذا التحليل للمادتين 42 من قانون المالية الأصلي والتكميلي لسنة 2010.

ماذا نستنتج؟

في اعتقاد المحاضر، يترتب مايلي:

- تقادم إجراءات تحيين الوثائق التي فقدت حداثتها.

- لا وجود للأملاك الشاغرة منذ نشر المرسوم رقم 80-278 بالجريدة الرسمية بتاريخ 03/12/1980 عدا المعاملات السابقة عن هذا التاريخ وبالتالي لا مجال لتطبيق المادة 06 من المرسوم رقم 63-88 على المعاملات التي تخص أملاك المعمرين إبتداءً من هذا التاريخ.

- بطلان كل التصرفات المتعلقة بالأملاك التي آلت للدولة واعتبارها دون أثر منذ نشر قانون المالية التكميلي بتاريخ 29/08/2010، واعتبارها دون أثر.

- لا يمكن الإحتجاج بالحقوق المكتسبة و التقادم إعتباراً أن ما نصت عليه المادة 42 من قانون المالية التكميلي يتعلق بالنظام العام بدليل تجريم مخالفة التدابير المقررة، وعلى اعتبار أن المشرع أقر بملكية الدولة للأملاك التابعة للمعمرين بمجرد نشر قانون المالية حسب ما جاء بعرض الأسباب "وعليه فمن الضروري اتخاذ تدبير يقضي بتقادم كل الوثائق الممسوكة على مستوى المحافظة العقارية والمذكرات التي فقدت حداثتها للأسباب المذكورة أعلاه".

- عدم استرداد الأملاك المتنازل عنها ؟ و هذه النقطة تبقى مفتوحة للنقاش.

خاتمة:

من الضروري الإشارة في الأخير أن الدولة كانت و لا زالت تعتقد أن بعض الأملاك العقارية التابعة للمعمرين أصبحت ملكاً لها بموجب الأمر 62-20 أو المرسوم رقم     63-388 أو بمقتضى الأمر رقم 66-102، وبالتخلي عنها بعد إلغاء الأملاك الشاغرة بالمرسوم رقم 80-278، إلا أن عدم تحيين الوثائق و تسجيل تلك الأملاك ضمن الأملاك الخاصة للدولة حال دون ذلك بالرغم من أن النصوص التي تعتمد عليها الدولة لتبرير ملكيتها نصوص سيادية إذا صح التعبير لاسيما المرسوم رقم 63-388 الذي أمم المزارع التابعة لبعض المعمرين و الأمر رقم 66-102 الذي حول الأملاك الشاغرة للدولة المتخذة في إطار تاريخي أو ما يعرف في إطار قانون المنتصر  la loi du vainqueur والمعاملة بالمثل لأسباب تاريخية. و مهما يكن من أمر فإن الإختلاف في تأويل النصوص القانونية و التشريعية المتعلقة بأملاك المعمرين العقارية أصبحت في حكم الماضي، بحيث أن المشرع طوق تلك الخلافات وطواها للأبد بنص المادة 42 من قانون المالية التكميلي لسنة 2010 الذي أكد على ملكية الدولة بالأملاك العقارية التابعة للمعمر تنفيذاً للنصوص المذكورة أعلاه و بقوة تلك النصوص لا يمكن الإحتجاج بعدم تحيين الوثائق و تحويل ملكية تلك العقارات للدولة و لا يمكن الدفع بعدم معاينة حالة الشغور بموجب قرار ولائي و لا يمكن استرداد الأملاك التي تنازلت عنها الدولة.